وفرق بين الحب والإعجاب والعلاقة العابرة   

الانبهار بالشيء يسبب نوعًا من العاطفة تجاهه فورًا، ولذلك كلما كنت تنبهر بشخص أو شيء لأول وهلة، فغالبًا أنت داخليًا ستعتقد أنك وقعت في غرام هذا الشخص. والسبب هنا هو عملية التجديد التي لاحظها عقلك، حيث أن الشيء الذي لاحظه لم يلاحظه من قبل، ولكن الحقيقة هي أن هذا الجديد ربما يكون قديمًا في مكان آخر، أو هناك جديد مثله أفضل منه، ولذلك عملية الإعجاب دائمًا متغيرة وليست ثابتة. فاليوم قد تكون منبهرًا بشخصية هذا الشخص وأنت تراه من بعيد، ولكن بعد أن تقترب منه تبدأ في معرفة شخصيته عن قرب ومعرفة سلبياته والأشياء التي تجعلك أنت نفسك تغير هذا الإعجاب وتعتبر أنك كنت منبهرًا ليس أكثر.
 
الحب ليس مجرد علاقة هوائية، بل دومًا يصف حالة العلاقات العميقة والدائمة. ولذلك الحب الحقيقي لا يكون مبني على الأهواء أو الإعجاب بل قائم على الشعور بالاستقرار العاطفي نحو هذا الشخص. وهذا عادةً يكون بسبب أن أي شخصين يعرفون بعضهم البعض فهم غالبًا يدركون جيدًا السلبيات لبعضهما البعض أيضًا. وما دمت تعرف سلبيات الآخر وما زالت تربطك به علاقة حقيقية فهذا هو الحب الحقيقي، حيث إن الشخص الآخر وأنت لن تتغيران. بل ثابتان على حالة العلاقة التي تربطكما سويًا. سواء علاقة صداقة أو علاقة عاطفية بين رجل وامرأة، ففي جميع الأحوال أنتما تحبان بعضكما البعض.
 
على خلاف الإعجاب الذي قد يكون سوء للآخرين بسبب عدم ثباته، الرغبة العابرة بالنسبة للإنسان هي عبارة عن رغبة جامحة تأتي في لحظات قليلة ثم سرعان ما يفتقدها الشخص، أو يرغب في شيء آخر غيرها كنوع من أنواع التجديد أو الإلهاء وهكذا. ولذلك الرغبة العابرة لا يمكن من خلالها أن تبني علاقة من الأساس فهي فقط مجرد رغبة لا تتحول إلى أفعال حقيقية. وفي نقطة الثبات يتضح أخيرًا الفرق بين الحب والإعجاب والرغبة العابرة، والذي يكون أثبت شعور فيهم هو الحب بدون منافسة.
 
الإعجاب عادةً لا يكون موجهًا لشخص معين. بل هو فقط شعور عشوائي. وليس مخصص لفرد واحد. ولذلك عندما يعجب الإنسان بشخص ما، فغالبًا هو يعجب بغيره أيضًا بنفس الكمية والمشاعر وهكذا. ووجود بدائل للإعجاب تجعله بعيد كل البعد عن عملية الحب الحقيقية. حيث أن في أول اختلاف بين شخصين معجبين بعضهما البعض. سيبحثان عن بديل يوفر نفس المشاعر. أي بمعنى أبسط الإعجاب عبارة عن سد حاجة شعورية مؤقته وليس دائمة.
 
والفرق بين الحب والإعجاب في هذه النقطة هو أن الحب دائمًا موجه. وهذا بسبب أن الحب يعتمد على المنح والأخذ. ولو بحثت حولك ستجد القليلين الذين يستحقون عطائك الشخصي غير المحدود، وأيضًا أقل منهم الأشخاص الذين يريدون منحك كل شيء. سواء مشاعر أو أشياء مادية. ولذلك الحب يعد أعمق بكثير من الإعجاب. حيث أن الإعجاب يعد أكثر سطحية. ولا يمكن الأخذ به لأن الكثير من الناس يمكن أن تعجبنا فيهم أشياء كثيرة من بعيد، ولكن من الممكن ألا تعجبهم أنت من بعيد بنفس الطريقة. وهنا سيحدث خلل في عملية الإعجاب. أما الحب فهو لا يطلق عليه حب إلا إذا اكتملت أركانه. وهم المحبين. ومادام يوجد محبين محدودين إذًا المشاعر هنا ليست عشوائية بل مشاعر موجهة.

الفرق بين الحب والإعجاب هو أن الإعجاب ليس أعمى. مثلما قلنا من قبل، الشرارة الأولى لعملية الإعجاب هي الفضول. فلو كانت نتيجة هذا الفضول لا تتوافق مع العقل. حينها سيتخلى الإنسان عن الشخص الأخر، بمعنى أن ربما يكون هناك فتاة جميلة جدًا من ناحية المظهر. وهذا يجعل العديد من الشباب معجبون بها. ولكن لو افترضنا أن تعرفت أنت على هذه الفتاة وكانت من النوع الذي لا تحب شخصيته. مثلًا لو كانت مغرورة. حينها ستشعر دائمًا معها أنك غير مرتاح. وحينها الإعجاب لن يشفع لسلبياتها. وسيقرر عقلك تلقائيًا تحويل عملية الإعجاب إلى عملية تعارف عادي وغير فارق. أما الحب فهو يشفع.